ربا على إمعاني في قراءة الكتب التي تكلمت عن بيان القرآن وإعجازه بداية بكتب المعتزلة، الباقلاني، الرماني حتى عبد القاهرالجرجاني،إلى العصر الحديث والكتب الرصينة كروائع البيان القرآني لتمام حسان وكذلك الإعجاز البياني للقرآن الكريم لعائشة عبدالرحمن( بنت الشاطئ) وتفسيرها المذهل التفسير البياني للقرآن الكريم، وقواعد التدبر الأمثل لـ بن حبنكه الميداني وتفسيره الفذ معارج التفكر.
كان يزيد ايماني باسلوب القرآن البياني الساحر أولم يقل الجاهليون أن محمدا كان ساحرا ؟! وكذلك عندما أقف متدبرا لكل لفظة قرآنية أجد عجبا لحسن توطيف المفردة وعملها البياني في السياق .
قال تعالى : (انه من كيدكن ان كيدكن عظيم )
وفي الجزء الذي كتبناه من آية سورة يوسف يتجلى البيان بصورة مذهلة وسأتعرض لملحظين في هذا الجزء لأنهما يخدمان ماأرمي إليه وإلا ففي الاية من النكت والملاحظ البيانية واللغوية الشي الكثير
.أولهما : أسلوب التوكيد إذ ورد بأعلى المؤكدات وهي(إن) وكذلك تكرارها بموضعين وكذلك التشديد والتوكيد بالجملة الاسمية والتوكيد بالوصف إذ وصفه بالعظمة ولا يصف العظيمُ العظيمَ بأنه عظيم إلا لعظمته.
ثانيهما :قوله تعالى : (من ) .
ولا يخفى توظيفها المقصود ، ويبدو لي أن معناها لا يعدو ا ان يكون للجنس وهذا ما ذكره الشوكاني على ما اذكر ولم اسطع التوثيق لبعدي عن المراجع والمكتبة .، أاي من جنس كيدكن ؛ أي ان الكيد جنس نسائي//حريمي ، أو أن يكون للتبعيض ، أي من بعض كيدكن ليدل كذلك على عظم هذا الكيد إذ أن ما حصل ليوسف على يد امرأة العزيز كان شيئا في غاية الفضاعة ومع ذلك فهو بعض من كل؛ لجنس تأصل الكيد في جنسه .
جميع ما كتب أعلاه نتيجة استثارة كوامن اللاشعور عندما سمعت في مجلسنا اليومي ( مجلس الرجال !! ) والمجالس مدارس ،أحد كبار السن الذين آتاهم الله أسلوبا قصصيا مذهلا عندما تكلم الرجال الحاضرون عن شدته في تعامله مع نسائه فلف لف الحديث حول كيدهن العظيم ؛ فساق هذا الحكاية فوافقت مني اهتماما بهذا الشأن ، ولي وقفة أخرى مع هذه الحكاية ومع ما يتبعها من حكايات حول هذا الموضوع سأكتبها لاحقا .
والقصة//الحكاية تقول :
تاجر من التجار عز عليه أان يكون الكيد (للحريم فقط) ، كيف لا وهو يعيش في بيئة ذكورية وثقافة فحولية يعز عليها أن تمتاز (الحرمة) بشئ ولو كان كيدا ، على السيد//الفحل ، فكتب على باب متجره لافتة تقول : الكيد كيد الرجال !! فأثارت تلك اللافتة إمرأة باذخة الجمال- والكيد متأصل في جنسها كما ذكره القرآن- فذهبت إلى صاحبنا صاحب المتجر فخضعت في قولها وتغنجت وأخذت تلاطفه حتى صابت سهام دلها سويداء قلبه وأخذت ترغبه في الزواج بها حتى ذهل ولم يصدق وكأنه في حلم وقالت له : أنا ابنة فلان الفلاني (وجيه وعلى قدر كبير من الشرف والحسب والنسب) وبيتنا في المكان الفلاني واذا تقدمت لخطبتي فاعلم ان ابي سيقول لك : إني معاقة ولا أصلح لك كزوجة وأنني لا أناسبك لكي لا يزوجني إياك ، ولكن أنت وافق على جميع الشروط ولو ذكروا لك أن بي كل عيوب الأرض فقل إني : موافق على الزواج بها وهآنذا أمامك فانظر مابي من العيوب (وبدأت تتغنج أمامه ) فذهبت بلبه وأغلق متجره//دكانه وذهب إلى البيت الذي وصفته له وتقدم لخطبتها فقال ابوها : إنها لا تناسبك وإنها معاقة ولا تصلح للزواج ، فقال في نفسه : هذا مصداق كلامها، وقال : إنني موافق رغم كل ما ذكرت ولو قلت أن بها عيوب الأرض لما أاتزوج الا بها فطلب عليه طلبا كبيرا كــ صداق//مهر وكذلك طلب مؤخرا باهضا لكي يضمن حياة ابنته وانتهى التاجر//العريس من الشروط وأمور الزواج التي تسبقه عادة وأصبح لا يرى بين عينيه الا صاحبته التي ذهبت بلبه وغيرت حاله من لحظة رؤيتها وتاقت نفسه للحظة لقاء محبوبته حتى إذا ما تم الزواج وكانت ليلة الفرح ودخل عليها فوجد ما أذهله !! وجد امرأة معاقة مقعدة على كرسي متحرك وصورتها مشينة ، فذهل وبقي أياما لا يفيق من هول الصدمة ولم يفتح متجره//دكانه تلك الأيام مما حدا بصاحبتنا التي أتت إليه في بادئ الأمر أن تبحث عنه لكي ترى حاله وتستكمل ما في نفسها فوجدته في حال يرثى لها فما إن رآها حتى طفق إليها يوبخها ويتهمها بخيانته، ويذكر لها الوضع المأساوي الذي وضعته فيه ، والحالة المزرية التي أوقعته فيها، فعرضت له خدماتها للتوصل لحل مناسب لهذه المصيبة التي قد لا يكون المؤخر الباهض أشدها ، ولكن علقت حلها الذي ستقدمه بشرط لا بد أن ينفذه فعاهدها وواعدها أن يفعل أي شئ تريده مقابل تخليصه من هذه الورطة التي هو فيها ، وكان شرطها ان يبدل صيغة تلك اللافتة ويكتب : الكيد كيد الحريم .
فصدق في وعده إياها ولبى شرطها وأعطته الحل وقالت اذهب إلى اقرب جزار//قصّاب واشتغل عنده واحرص على أن يصل هذا الخبر إلى اب زوجتك وستجد بعد ذلك أن ابا زوجتك (الوجيه ، صاحب الاصل والفصل) يطلبك طلاقها ويحرص على ذلك بوضع يمكنك من أن تملي شروطك عليهم وفعل ما أمرته (الحرمة) فلم يلبث إلا وقد أتاه ابو زوجته يطلبه أن يطلق ابنته ، وكلمه بشدة مستنكرا أنه لم يخبرهم بأصله ومهنته فرد تاجرنا بأنهم لم يسأالوه ولم يكن هناك ما يستدعي ذلك وقال : بأن هذه المهنة هي مهنة جده وابيه من قبله ومهنته كذلك وإنما جمع من هذه المهنة بعض المال وعزم على الإتّجار به وفتح متجره ، وعندما ساءت أحواله المالية رجع إلى مهنته التي يكتسب منها عيشه، فألح ابو زوجته على أن يطلق فرفض وقال : لن اطلقها وأنا أاطمع منها بولد أكتسب منه (الأصل والفصل) لا سيما وأنكم من نسبٍٍ عريق، فثارت ثائرة الأب وقال له : اطلب ما شئت من الأموال وغيرها على أن تطلق ! فطلب التاجر ضعف ما دفع إليهم وأعطوه ، وتم الطلاق وأخذ ما أعطوه وذهب به إلى صاحبتنا الأولى -التي أوقعته في الورطة- قائلا لها : هو بالنصيفة بيننا ، يومئ إلى أن تتزوجه فرفضت وكان غاية ما طمحت إليه أن تثبت عظم كيد النساء وتثبت صدق الله جل وعلا : إن كيدكن عظيم . انتهت الحكاية
تحيات ابو نصـ نصـ